![[العنوان المعاد صياغته]
“ذكرى الهجرة: استنفر وانفِر! الصوت والتحدي”](https://a.ajil.news/wp-content/uploads/2025/06/ذكرى-الهجرة-إذا-استنفرتم-فانفروا-Naseej-AI.jpeg)
تبدأ الأمة الإسلامية باحتفال ذكرى الهجرة النبوية المباركة مع بداية شهر المحرم بعد غد الخميس، وفقًا للحسابات الفلكية. هذه المناسبة تُعدّ من أبرز الأحداث التي مهدت لبناء دولة الإسلام العظيمة، التي أسهمت في تحرير البشرية من الظلمات إلى النور، ومن الجور إلى العدل. يُعدّ هذا الحدث تذكيرًا برسالة الإسلام التي تُعدّ آخر الرسائل الإلهية، وختامًا للوحي الذي نزل على خاتم الأنبياء والمرسلين، سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.
أهمية الحديث الصحيح في توضيح معنى الهجرة
من بين الأحاديث التي تُردّد في الاحتفالات بهذه الذكرى، الحديث الصحيح الذي رواه الشيخان البخاري ومسلم في الصحيحين، من حديث عائشة وابن عباس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، حيث قال: “لا هجرة بعد الفتح، ولكن جهاد ونية، وإذا استنفرتم فانفروا”. يُفسّر أهل العلم هذا الحديث بأنّه لا ينفي الهجرة بالكلية، بل يشير إلى أنّ الهجرة من مكة إلى المدينة لم تعد ضرورية بعد فتح مكة، لأنّها أصبحت دار إسلام. إذًا، لم يعد هناك حاجة للهجرة من مكة، بل يبقى المسلمون فيها، لكنّ الحديث يؤكد على وجوب “جهاد” و”نية” في كل الأوقات، والتزام بالدفاع عن الدين والأمة عند الحاجة.
دعوة إلى الهجرة في آية قرآنية
في معرض الحديث عن الهجرة، أشارت الآية القرآنية إلى ضرورة مغادرة أرض الشرك، حيث قال الله تعالى: “إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَٰئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا” (سورة النساء: 97). هذا النص يُظهر أنّ الهجرة واجبة على كل من يعيش في أرض لا يستطيع فيها إظهار دينه، إلا من عجز أو اضطرار، كما أشارت الآية بعدها إلى استثناء العاجزين من الرجال والنساء والأطفال.
تفسير ابن كثير لدور الهجرة في الإسلام
يؤكد الحافظ ابن كثير رحمه الله على أنّ الآية تُدلّ على وجوب الهجرة، وجمع أهل العلم على أنّها إلزامية على من يعيش في بلاد لا يُمكنه فيها ممارسة دينه. ومع ذلك، يُستثني من ذلك من عجز عن الهجرة، سواء بسبب الضعف أو عدم القدرة على المغادرة. هذا التفسير يُبرز أنّ الهجرة ليست مجرد تغيير في المكان، بل هي تغيير في النية والسلوك، واتخاذ خطوة نحو التحرر من الحطام والظلم.
مفهوم المهاجر في أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم
من الأحاديث المهمة التي تُشير إلى مفهوم المهاجر، حديث عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم: “المُسْلِمُ مَن سَلِمَ المُسْلِمُونَ مِن لِسَانِهِ ويَدِهِ، والمُهَاجِرُ مَن هَجَرَ ما نَهَى اللَّهُ عنْه”. هذا الحديث يوضح أنّ المهاجر الحقيقي هو من يتخلى عن الأفعال المحرّمة، ويجمع بين هجرة الوطن وهجرة المعاصي. إذًا، الهجرة ليست مجرد انتقال جغرافي، بل هي انتقال أخلاقي وعقدي، يُظهر التزامًا بتعاليم الدين.
الدروس المستفادة من ذكرى الهجرة
هذه المناسبة تُذكّر المسلمين بضرورة التزامهم بالجهاد في رفع كلمة الله، والدفاع عن العقيدة، والعمل على صلاح الأمة. كما تُبرز أهمية الهجرة كخطوة مصيرية في تاريخ الإسلام، ودفعة للتحول من القتل إلى العدل، ومن الطغيان إلى الإيمان. من خلال هذه الأحداث، يُدرك المؤمن أنّ الالتزام بالدين يتطلب شجاعة ووعيًا، وأنّ النصر لا يأتي إلا بتغيير الأوضاع واتخاذ خطوات جريئة.