هل ترتفع أسعار الأسمدة في مصر بعد وقف إمدادات الغاز؟

هل ترتفع أسعار الأسمدة في مصر بعد وقف إمدادات الغاز؟

أصدرت وزارة البترول والثروة المعدنية قرارًا مفاجئًا بتفعيل خطة طوارئ لإدارة إمدادات الغاز الطبيعي، وذلك وفق أولويات محددة. هذا الإجراء تسبب في توقف ضخ الغاز لبعض الأنشطة الصناعية، وفي مقدمتها مصانع الأسمدة الزراعية. هذا التطور جعل العديد من الخبراء يتساءلون حول مستقبل أسعار الأسمدة في السوق المحلية.

تداعيات الصراع الإقليمي على الإنتاج

أشار خالد أبو المكارم، رئيس المجلس التصديري للصناعات الكيماوية، إلى أن أسعار الأسمدة قد تشهد ارتفاعًا تدريجيًا في المستقبل القريب، مرتبطًا بطول فترة تعليق إمدادات الغاز. أوضح أبو المكارم أن الغاز يُعد مدخلًا أساسيًا في تصنيع الأسمدة، وكلما ازدادت فترة التوقف، انخفض الإنتاج، مما يؤدي إلى ارتفاع الأسعار.

كما حذر من احتمال لجوء بعض التجار إلى السوق السوداء، وهو ما قد يُؤثر على التزامات التصدير، خاصة إذا اضطرت المصانع إلى إلغاء أو تأجيل طلبياتها. هذا التحذير يأتي في ظل تأكيد شركتي “أبو قير للأسمدة” و”موبكو” بدء خطط صيانة مكثفة، حيث أرجعتا ذلك إلى تداعيات الحرب في الشرق الأوسط.

التحديات الراهنة في السوق المحلي

نقيب الفلاحين، حسين عبد الرحمن أبوصدام، أفاد أن وقف إمدادات الغاز لم يؤثر بعد على السوق، نظرًا لانخفاض الطلب في بداية الموسم الزراعي. كما أشار إلى وجود مخزون كافٍ لدى الجمعيات الزراعية. لكنه حذر من احتمال ارتفاع الأسعار إذا استمرت الأزمة لأسابيع، خصوصًا مع اقتراب ذروة موسم الأسمدة في سبتمبر وأكتوبر.

وأوضح أن الدولة تلتزم بتوريد 55% من إنتاج المصانع إلى وزارة الزراعة بسعر مدعم، بينما يُخصص 10% للسوق المحلي الحر، والباقي للتصدير. هذا النظام يُظهر التزام الحكومة بتوفير الأسمدة للزراعة، لكنه قد يعاني من الضغوط في ظل الظروف الراهنة.

توقف الإنتاج وحلول بديلة

قال رئيس غرفة الصناعات الكيماوية باتحاد الصناعات، شريف الجبلي، إن مصانع الأسمدة شبه متوقفة، لكن الحكومة تعاقدت على شحنات غاز كافية لتلبية الاحتياجات. أشار إلى أن متوسط إنتاج مصنع الأسمدة يتراوح بين 50 ألف و150 ألف طن شهريًا، وهو ما يعكس حجم التأثير على الإنتاج.

أضاف الجبلي أن تشغيل سفينتين جديدتين للتغويز في الشهر المقبل سيزيد الطاقة اليومية لشبكة الغاز إلى 2.25 مليار قدم مكعب. هذا الإجراء يُظهر محاولة الدولة لتعويض النقص، لكنه قد لا يكون كافيًا في المدى الطويل.

التحديات الاقتصادية والبدائل المستقبلية

في محاولة لخفض الاعتماد على الغاز، تسعى مصانع الأسمدة إلى تطبيق حلول بديلة، مثل استخدام الهيدروجين الأخضر. كما تدرس استيراد الغاز بشكل مستقل. لكن نائب رئيس هيئة البترول الأسبق، مدحت يوسف، يرى أن هذا الخيار ليس اقتصاديًا في ظل ارتفاع أسعار الغاز العالمية وتضاعف تكاليف النقل والتغويز.

وزادت أسعار الغاز عالميًا بنسبة تجاوزت 5% الأسبوع الماضي، و2% إضافية مع بداية الأسبوع، في ظل تصاعد التوترات بين إسرائيل وإيران. هذا الارتفاع يزيد من تحديات المصانع التي تعتمد على واردات الغاز من حقول “تمار” و”ليفياثان” بموجب اتفاقية تدوم 15 عامًا.

مستقبل السوق الزراعي

رغم الزيادة في أسعار الغاز، تُظهر مصانع الأسمدة تفاؤلًا بقدرة الحكومة على إدارة الأزمة، لكنها تبقى معرضة للاضطرابات إذا استمرت التوترات الإقليمية. يبقى السؤال المطروح: هل ستلجأ المصانع لاستيراد الغاز أم ستعتمد على حلول داخلية؟ الإجابة تبقى مرهونة بتوازن بين التكاليف والجودة.

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *